هي قصة عشق عاشها ابطال من هذه الالفية ، من هذا المكان ، هي قصة عشق
جسدت كل ارواح الشعراء ، هي ما تعلمناه منذ صغرنا عن الحب العذري ، هي ليست كما
قيس وليليى ، او روميو وجولييت ، هي كانت هو وهي .
نعم كما الافلام ، لكن دون تلك النهاية السعيدة التي تنتهي بزواج
البطل من حبيبته ، هي عندما تفقدها للمرة الاولى والثانية وربما الثالثة ، ولكن
كان هناك دائما ذلك الامل بانها ما تزال هناك وانها لا بد من المحاولة الرابعة
والخامسة ، ولكن هي كانت بفقدانها الى الابد ، مع معرفتك الكالمة ويقينك التام
بانها لم تعد هناك ابدا بعد الان ، وانه لا يوجد هناك المزيد من المحاولات .
لطالما خافت هي من ذلك الزمان ، ومن الوقت ، من الايام ، من المجهول ،
من الخطط المختفية وراء جدار القدر ذاك ، دونما اية محاولة لاختراق تلك الاوهام
والقفز عاليا فوق ذلك الجدار ، جدار العقل والمنطق ، لطالما قاما بكبح مشاعر الحب
ولجمها من الانفجار ، ابتعدا عن استنشاق رحيق تلك الوردات ، ابدا لم يحاولا الوصول
الى تلك الحديقة ومشاركة العديد من العشاق بقطف تلك الازهار ، لا بل جثما خلف ذلك
السور ، يترقبان المجهول ومن جديد .
هي قصة ابتدات بسلام فمصافحة ، فاعجاب ، فصداقة ، ثم الى مشاعر جياشة
، كان هو هناك جالسا يحتسي قهوته ، هي اتت من بعيد ، صافحته ، تردد هو بذكر اسمه
حينها من هول اللحظة ، نعم هو يستطيع تخيل واستذكار تلك اللحظة بكل تفاصيلها
والوانها ، ذلك الشعر الذهبي ، القميص الاخضر ، الضحكة المتصنعة ، الخجل
والاستحياء ، تلك الغرفة ، تلك النوافذ ، تلك السلالم ،ذلك كان اللقاء الاول .
استمر لقائهما مع عدد من الاشخاص الذي تحول بعضهم بعدها الى اصدقاء
قرابة الخمس ايام ، خرجوا بعدها الى مدنهم المختلفة وبيوتهم ، استمر التواصل بينهم
بضع الوقت ، ولكن هي فقط من كانت تشغل تفكيره طيل الوقت ، كيف له ان يقابلها مرة
اخرى ، بعقليتها وتفكيرها الشرقيين ، وتحررها المنمق ، كان لا بد له ان يبحث عن
طريق ما لكي يتواصل معها باية طريقة ، وكانت هي ، كان قد حان وقت تخرجها من
الجامعة من قسم اللغة الانجليزية ، فقرر ان يقيم حفلة صغيرة للاحتفال بنجاحها ،
رسم خطته كاملة ، دعا بعض الاشخاص المشتركين في علاقة الصداقة بينهما الى الحفلة حتى يتسنى لها المشاركة ، اذ كانت
ترفض وبشكل مطلق اللقاء الفردي مع اي كان في مكان او موضوع غير العمل ، وهكذا كان
.
تم التخطلط للقاء ، الزمان المكان ، الهدايا ، الاشخاص ، وصديقه
المقرب الذي عايشه قصته منذ بدايتها ، وفي اليوم المنشود ، منذ صباح ذلك اليوم ،
استقبل هو منها رسالة على هاتفه النقال فحواها عدم تمكنها من القدوم وذلك لسبب
طارئ ، تكسرت بعض الامال بعد تلك الرسالة ، حاول ان ينجح ذلك اللقاء ، ولكن لم يكن
له ان ينجح ذلك اللقاء الا بعد ما باح لها بسره الصغير ، وما كان مخطط له .
هي احست بالذنب بسبب لمخططات ذلك الشاب ، وتكفيرا عن خطائها قامت هي
بتحديد موعد اخر للقاء ، ولكن مع ذهاب متعة المفاجئة في ذلك اليوم ، هو يستطيع
تذكر تلك الحفلة الصغيرة هناك بذلك المكان المرتفع ، اشخاص خمسة ، بوكيه من الورد
، وهدية تخرج صغيرة ، كم تمنا وقتها لذلك اللقاء ان يطول ايضا وايضا ، كم كان غبيا
بالحب ، او بالاحرى كم كان يجهل الحب ، لم تكن سوى العديد من الالوان المتدافعة
التي لم يعرف كيفية التلوين بها .
قويت تلك العلاقة بينهما بعد تلك الحفلة الصغيرة ، واعني علاقة
الصداقة بالنسبة لها هي ، وعلاقة العشق والغرام بالنسبة له هو ، لم يبقي طريقا الا
وحاول ان يوصل لها بها مشاعره ، ولكن هو لم يكن يعلم اذ كان هو فائق الغباء ، او
اذا كانت هي تتصنع الجهل ، ولكن شيئا هناك في قلبه كان يخبره دائما انه على الطريق
الصحيح ، وانها تعلم ولكن تحارب اليقين ، وانها اصبحت قريبة .
الطريق من مدينته اليها حقا بعيدة ، كان يتحجج بذهابه الى مدينتها
ببعض الاعمال ، ولكن الغاية الاولى والاخيرة كانت دائما المرور بمكتبها الصغير
دائم البرودة ، لا للسلام ولكن لاخد جرعة المورفين من عينيها ، لالتقاط بضع من
ابتساماتها وضحكاتها ، لالقاء بعض النكات الساخرة ، بعض الاحيان للتهكم ، ولكن
الاهم دائما كان ، ان يكون بقربها ولو لساعة واحدة من الزمان .
على الرغم من بعد مدينته هو عن مدينتها الا انهما كانا يتحدثان يوما
عبر البريد الالكتروني ، وعبر الفيس بوك ، طالما قاما بتبادل الاغاني والموسيقى ،
الاجنبية منها خاصة ، هي تحب بشدة المغني الاسباني انريكي ، كثرا ما كان يبادلها
الاغنيات ذات معاني الحب التي لم يملك الجرئة للافصاح عنها ، ولكن دائما كان يتحجج
برعة موسيقى تلك الاغنيات او جمال كلماتها ، هو يذكر كيف استاع ان يجد الذريعة لكي
يكلمها ويتواصل معها عن طريق هاتفها الخلوي ، الامر الذي كان يعتبر من المحرمات
لديها ، ولكنه تذرع يوما بقصة عمل لكي يكلمها الامر الذي استمر بعدها الى الابد .
دونما سابق انذار ، قرر هو اخيرا ان يبوح باسرار ومشاعر اثقلت صدره
لمدة عامين ، اسرار لم تتم سرقتها ابدا ، اسرار جثمت هناك طويلا ، ولكن لم يكن
هناك متسع ابدا للمواجهة المباشرة ، لم يستطع الانتظار ، اذكر انه اخبرها بتلك
الرسالة عبر ايميل الياهوو ، هو حتى ما يزال يحتفظ بتلك الرسالة ، اخبرها كم هي
جميلة ورقيقة ، اخبرها كم هي جعلته يستلذ باطعم جديدة للحياة لم يشعربها سابقا
ابدا ، اخبرها كثيرا وكثيرا ، ولكن لم يقل لها احبك ، بل استدل بتلك الكلمة بعبارة
ارغب ان اكمل حياتي معك .
نعم هو ايضا ما يزال يحتفظ بردها على رسالته ، يحتفظ به مكتوبا على جهازه المحمول ، كما هو مدون هناك بذاكرته ، بوجدانه ، كل جوارحه ما تزال تردد صدى تلك الكلمات مرارا ومرارا ، حتى الان ، هو اراد ان يرسم مستقبلا، هي ارادت ان تخططه بالعقل والمنطق ، وفي حلبة صراع القلب والعقل ، تنازل قلبه هو لعقلها هي ، بعدم التورط بقصة حب زائفة ربما ، نعم ربما ليس من المقدر لها ان تنجح ، ولكن ايضا هو كان يعرف انه ربما قدر لها ان تستمر كما الافلام ، هي قصة عشق .
نعم هو ايضا ما يزال يحتفظ بردها على رسالته ، يحتفظ به مكتوبا على جهازه المحمول ، كما هو مدون هناك بذاكرته ، بوجدانه ، كل جوارحه ما تزال تردد صدى تلك الكلمات مرارا ومرارا ، حتى الان ، هو اراد ان يرسم مستقبلا، هي ارادت ان تخططه بالعقل والمنطق ، وفي حلبة صراع القلب والعقل ، تنازل قلبه هو لعقلها هي ، بعدم التورط بقصة حب زائفة ربما ، نعم ربما ليس من المقدر لها ان تنجح ، ولكن ايضا هو كان يعرف انه ربما قدر لها ان تستمر كما الافلام ، هي قصة عشق .
هو قدم الكثير والكثير من التنازلات ، هي تعرف ذلك كل المعرفة، هو كان
يلقاها دائما بمكان عملها ، حسب رغبتها ، هي كانت تلك الفتاة الشرقية ، متحررة
الفكر، ولكن جليسة العادات والتقاليد العربية ، ولا سيما فيما يخص الجنس الاخر ،
كانت ترفض بشكل مطلق لقائه بمكان غير مكان عملها ، وذلك حتى تتجنب المشاكل التي
يسببها عقم هذا المجتمع ، هو احترم تلك الرغبة ولباها دونما مناقشة.
هي انجرفت وراء مشاعره اخيرا ، بعد العديد والعديد من الحروب
والمغامرات ، هي افصحت بمشاعرها اخيرا ، هي اتربت قلبه بعد سنتين اثنتين من
الاستجداء ، ولكن كما كانت عادتها تعطي وتاخذ ، اتربت قلبه بتلك المشاعر وازوته
بظلمة المنطق وما سيكون دونما اية فرصة للفرح ولو لبعض اللحظات ، حتى بعدما استعاد
بضعا من امل ضائع ، هي سلبته كل الامل ، وابقته في حالة الصراع والاشتياق ذاتها .
لم يرضى مطلقا هو بتلك النتيجة ، رسم مخططا جديدا وبالكامل لحياته ،
ترك بلاده ورحل الى بلاد اجنبيه ، لعله يتحدى القدر، او الوقت ، ولكن تجري الرياح
بما لا تشتهي السفن ، هي كلمته مرارا وتكرار انذاك ، يوميا تقريبا ، تكلمه لكي
تطمئن على احواله من ناحية ، ومن ناحية اخرى لكي تتاكد من ان النوايا ما زالت في مسارها المحدد ، هو عاد
مكرها الى فلسطين ، وضاعت من يديه الفرصة الذهبية لضمها الى صدره .
استمرت الايام بالنهوض معه من فراشه يوما تلو اليوم ، تذبل اجفان
عيونه ليلا على صورتها هي ، ويصحو على ابتسامتها ، ضحكتها كما الشفق ، نظرة عينها
الحزينة الهيئة ما تزال الى الان تفقده صوابه دوما ، هو يحتفظ بصورة لها سرا دون
علمها ، هو دائما ما ينظر الى تلك الصورة ، يتحسسها دائما بيده ، ويطفو في بحر
الامنيات .
وتمضي الايام ، وحبها في قلبه ما زال مستوطنا هناك ، على الرغم من
نسيانها هي لكل تلك المشاعر، ولكن الامل والامنيات هي التي كانت تحييه ساعاته التي
باتت خاوية الوصال ، هما استمرا بالتحدث والتواصل دائما ، ولكن بصورة اقل من ذي
قبل ، يراها احيانها في مكان عملها كما هو المالوف لهما ، في بعض الاحيان يسيران
من مكان عملها الى السيارات التي تستقلها هي الى بيتها ، هي طريق قصيرة بعض الشيئ
، بعض الدقائق المعدودة .
كل ما حلم به يوما ، لمسة من يديها ، ان يستيقظ كل صباح مواجها وجهها
وعينيها ، ان يرقص معها رقصة تسكره الى الى دنيا اخرى ، دنياها هي ، وعالمها هي ، صوتها
العذب يضفي تلك الحلاوة على قهوته الصباحية الخالية من السكر ، لهجتها المطعمة
بالاسبانية لها رونقها ووقعها الخاص ، حتى هو بات يجيد تلك اللهجة ويستعملها بكثرة
، كل ما حلم به يوما ان يسير معها تحت قطرات المطر، يضمان بعضهما على استحياء ،
يسيران في طريق تضيئه شموع الغزل ، كل ما حلم به يوما هو هي ، نعم وفقط هي ، ولكن ليس لكل الاحلام ان تتحقق .
قلت الاتصالات لفترة قصيرة بينهما ، هو ذهب الى بلاد اجنبية ومرة اخرى
ولكن هذه المرة تفصله عنها ساعة واحدة فقط ، ولكن كان هناك العديد من الصعوبات في
الاتصال و التواصل ، حتى باتت رسالة نصية واحدة كل اسبوعين تقريبين ، رسالة لا
تسمن ولا تغني من بعد واشتياق ، لا تخبر بالاخبار والجديد ، لا تتعدى كونها السؤال
عن الحال ، حتى اصبح الفيس بوك الطريقة الوحيدة لمتابعة الاخبار والمستجدات ،
وليته ما كان .
ذلك الصباح ابتدأ معه بمكالمة مزعجة جدا ، استيقظ على رنين هاتفه بها
، تبعها بعد الاخبار السيئة من عند اهله ، وبعض الازعاجات بالعمل ، قرر عدم العمل في ذلك اليوم ، وضع على نفسه بعض
الملابس ، وذهب الى مقهى بعيد عن مكان اقامته نسبيا ، ذهب اليه مشيا على الرغم من
انها كانت تمطر هناك ، وذلك حتى يتسنى له مقامرة الارجيلة لعلها تنسيه بعض التعب
والارهاق النفسي الذي حصل له في ذلك الصباح ، وايضا حتى يستخدم خدمة الانترنت
المجانية الموجودة هناك ، استهل جلسته ببعث رسالة نصية لها يخبرها عن احواله
المضنية ويطمئن على احوالها ، ثم دخل الى الفيس بوك لمتابعة اخبارها كعادته ، حيث
انه تحول الفيس بوك بالنسبة له في الفترة الاخيرة فقط وسيلة لمتابعة اخبارها ،
وهناك كانت الصدمة المفاجئة ....
هناك على الفيس بوك ، وعلى صفحتها ، بدأ بالتصفح بشكل سريع مبدئي ،
حتى لفتت نظره تلك الصورة والعبارة ، جثم دون حراك او همسة ، ثوان معدودة حتى قام
بقراءتها مرارا وتكرارا ، نعم هي تمت خطبتها لشاب من مدينتها ، شاب مناسب لها على
جميع المستويات ، لم يستطع تحديد ردة فعله ما هي ، ولكن بعض الدموع الغاصبة عبرت
عن كل شيئ ، اقفل جهازه المحمول واستغرب بالتفكير لوهلة من الوقت ، لم يستطع تحديد
كيف له ان يرد على تلك الصدمة .
الحب هو اسمى الصفات الانسانية اطلاقا ، هو ان تعرف انها دائما انها هناك
مهما حصل ، هو ان تحملها بين ذراعيك مع خوف كل خلايا جسدك من افلاتها ،هو ان
تستيقظ كل صباح وانت تعلم انها هناك بجانبك ، هو ان تبحث عنها دائما ، وتكون بقربها
مهما كان او حصل، هو ان تحب الخير والحب لها ، الحب هو ان تكون هي سعيدة حتى لو
انها لم تكن معك انت ، او معه هو، الحب هو ان تتمنى لها الخير في اية عوالم هي
كانت ، وهكذا كانت ردة فعله ، هو تمنى لها اطيب الامنيات بالتوفيق والسعادة والحب
والنجاح ، هو قال لها تلك الكلمات بكل النوايا الصادقة ، بكل الامتنان لها على كل الاوقات
الجميلة التي عاشها معها يوما ،على كل ضحكة اسرت بها قلبه يوما ، على كل دقيقة من
العطف والحنان والخوف ، على كل جلسة استماع لهمومه ومشاكله ، على الكثير والكثير
من الامور الدافئة التي لن ينساها ما حيا ابدا .
هي كانت قصة عشق دون كلمة احبك ، هو لا يذكر ابدا قوله احبك لها ، او
قولها هي احبك له ، هي كانت اغرب قصة حب اطلاقا سمع هو بها ، او عايشها حتى ، مع
انها كانت القصة الاولى ولا بد من انها لن تكرر ابدا ، هي كانت قصة حب تتالم وتفرح
لها الافئدة ، فقد كانت هناك الكثير والكثير من الضحكات الدافئة ، والكثير ايضا من
الاشواك الواخزة ، هي كانت قصة عشق لم يقدر لها ابدا ان تنجح او تستمر ، ولكن هو
حاول تحدي القدر والالاه ذاته ، وقد خسر تحد للمرة الاولى في حياته .
هناك انتهت قصته هو ، وضعت قلمي وانا انظر بالمراة ومن جديد ، اعيش
تلك الحالة من الانفصام الفكري بيني انا وبينه هو ، وحبنا نحن الاثننين لها هي ،
نعم هي وهي فقط ، وها هنا تنتهي جميع الاساطير والقصص الاغريقية التي عرفتها يوما
، حتى العنقاء صديقتي حلقت بعيدا عني ، وقلمي جف حبره من بعد طول امتنان ........