الجمعة، 30 نوفمبر 2012

هي قصة عشق .....

هي قصة عشق عاشها ابطال من هذه الالفية ، من هذا المكان ، هي قصة عشق جسدت كل ارواح الشعراء ، هي ما تعلمناه منذ صغرنا عن الحب العذري ، هي ليست كما قيس وليليى ، او روميو وجولييت ، هي كانت هو وهي .
نعم كما الافلام ، لكن دون تلك النهاية السعيدة التي تنتهي بزواج البطل من حبيبته ، هي عندما تفقدها للمرة الاولى والثانية وربما الثالثة ، ولكن كان هناك دائما ذلك الامل بانها ما تزال هناك وانها لا بد من المحاولة الرابعة والخامسة ، ولكن هي كانت بفقدانها الى الابد ، مع معرفتك الكالمة ويقينك التام بانها لم تعد هناك ابدا بعد الان ، وانه لا يوجد هناك المزيد من المحاولات .
لطالما خافت هي من ذلك الزمان ، ومن الوقت ، من الايام ، من المجهول ، من الخطط المختفية وراء جدار القدر ذاك ، دونما اية محاولة لاختراق تلك الاوهام والقفز عاليا فوق ذلك الجدار ، جدار العقل والمنطق ، لطالما قاما بكبح مشاعر الحب ولجمها من الانفجار ، ابتعدا عن استنشاق رحيق تلك الوردات ، ابدا لم يحاولا الوصول الى تلك الحديقة ومشاركة العديد من العشاق بقطف تلك الازهار ، لا بل جثما خلف ذلك السور ، يترقبان المجهول ومن جديد .
هي قصة ابتدات بسلام فمصافحة ، فاعجاب ، فصداقة ، ثم الى مشاعر جياشة ، كان هو هناك جالسا يحتسي قهوته ، هي اتت من بعيد ، صافحته ، تردد هو بذكر اسمه حينها من هول اللحظة ، نعم هو يستطيع تخيل واستذكار تلك اللحظة بكل تفاصيلها والوانها ، ذلك الشعر الذهبي ، القميص الاخضر ، الضحكة المتصنعة ، الخجل والاستحياء ، تلك الغرفة ، تلك النوافذ ، تلك السلالم ،ذلك كان اللقاء الاول .
استمر لقائهما مع عدد من الاشخاص الذي تحول بعضهم بعدها الى اصدقاء قرابة الخمس ايام ، خرجوا بعدها الى مدنهم المختلفة وبيوتهم ، استمر التواصل بينهم بضع الوقت ، ولكن هي فقط من كانت تشغل تفكيره طيل الوقت ، كيف له ان يقابلها مرة اخرى ، بعقليتها وتفكيرها الشرقيين ، وتحررها المنمق ، كان لا بد له ان يبحث عن طريق ما لكي يتواصل معها باية طريقة ، وكانت هي ، كان قد حان وقت تخرجها من الجامعة من قسم اللغة الانجليزية ، فقرر ان يقيم حفلة صغيرة للاحتفال بنجاحها ، رسم خطته كاملة ، دعا بعض الاشخاص المشتركين في علاقة الصداقة بينهما  الى الحفلة حتى يتسنى لها المشاركة ، اذ كانت ترفض وبشكل مطلق اللقاء الفردي مع اي كان في مكان او موضوع غير العمل ، وهكذا كان .
تم التخطلط للقاء ، الزمان المكان ، الهدايا ، الاشخاص ، وصديقه المقرب الذي عايشه قصته منذ بدايتها ، وفي اليوم المنشود ، منذ صباح ذلك اليوم ، استقبل هو منها رسالة على هاتفه النقال فحواها عدم تمكنها من القدوم وذلك لسبب طارئ ، تكسرت بعض الامال بعد تلك الرسالة ، حاول ان ينجح ذلك اللقاء ، ولكن لم يكن له ان ينجح ذلك اللقاء الا بعد ما باح لها بسره الصغير ، وما كان مخطط له .
هي احست بالذنب بسبب لمخططات ذلك الشاب ، وتكفيرا عن خطائها قامت هي بتحديد موعد اخر للقاء ، ولكن مع ذهاب متعة المفاجئة في ذلك اليوم ، هو يستطيع تذكر تلك الحفلة الصغيرة هناك بذلك المكان المرتفع ، اشخاص خمسة ، بوكيه من الورد ، وهدية تخرج صغيرة ، كم تمنا وقتها لذلك اللقاء ان يطول ايضا وايضا ، كم كان غبيا بالحب ، او بالاحرى كم كان يجهل الحب ، لم تكن سوى العديد من الالوان المتدافعة التي لم يعرف كيفية التلوين بها .
قويت تلك العلاقة بينهما بعد تلك الحفلة الصغيرة ، واعني علاقة الصداقة بالنسبة لها هي ، وعلاقة العشق والغرام بالنسبة له هو ، لم يبقي طريقا الا وحاول ان يوصل لها بها مشاعره ، ولكن هو لم يكن يعلم اذ كان هو فائق الغباء ، او اذا كانت هي تتصنع الجهل ، ولكن شيئا هناك في قلبه كان يخبره دائما انه على الطريق الصحيح ، وانها تعلم ولكن تحارب اليقين ، وانها اصبحت قريبة .
الطريق من مدينته اليها حقا بعيدة ، كان يتحجج بذهابه الى مدينتها ببعض الاعمال ، ولكن الغاية الاولى والاخيرة كانت دائما المرور بمكتبها الصغير دائم البرودة ، لا للسلام ولكن لاخد جرعة المورفين من عينيها ، لالتقاط بضع من ابتساماتها وضحكاتها ، لالقاء بعض النكات الساخرة ، بعض الاحيان للتهكم ، ولكن الاهم دائما كان ، ان يكون بقربها ولو لساعة واحدة من الزمان .
على الرغم من بعد مدينته هو عن مدينتها الا انهما كانا يتحدثان يوما عبر البريد الالكتروني ، وعبر الفيس بوك ، طالما قاما بتبادل الاغاني والموسيقى ، الاجنبية منها خاصة ، هي تحب بشدة المغني الاسباني انريكي ، كثرا ما كان يبادلها الاغنيات ذات معاني الحب التي لم يملك الجرئة للافصاح عنها ، ولكن دائما كان يتحجج برعة موسيقى تلك الاغنيات او جمال كلماتها ، هو يذكر كيف استاع ان يجد الذريعة لكي يكلمها ويتواصل معها عن طريق هاتفها الخلوي ، الامر الذي كان يعتبر من المحرمات لديها ، ولكنه تذرع يوما بقصة عمل لكي يكلمها الامر الذي استمر بعدها الى الابد .
دونما سابق انذار ، قرر هو اخيرا ان يبوح باسرار ومشاعر اثقلت صدره لمدة عامين ، اسرار لم تتم سرقتها ابدا ، اسرار جثمت هناك طويلا ، ولكن لم يكن هناك متسع ابدا للمواجهة المباشرة ، لم يستطع الانتظار ، اذكر انه اخبرها بتلك الرسالة عبر ايميل الياهوو ، هو حتى ما يزال يحتفظ بتلك الرسالة ، اخبرها كم هي جميلة ورقيقة ، اخبرها كم هي جعلته يستلذ باطعم جديدة للحياة لم يشعربها سابقا ابدا ، اخبرها كثيرا وكثيرا ، ولكن لم يقل لها احبك ، بل استدل بتلك الكلمة بعبارة ارغب ان اكمل حياتي معك .
نعم هو ايضا ما يزال يحتفظ بردها على رسالته ، يحتفظ به مكتوبا على جهازه المحمول ، كما هو مدون هناك بذاكرته ، بوجدانه ، كل جوارحه ما تزال تردد صدى تلك الكلمات مرارا ومرارا ، حتى الان ، هو اراد ان يرسم مستقبلا، هي ارادت ان تخططه بالعقل والمنطق ، وفي حلبة صراع القلب والعقل ، تنازل قلبه هو لعقلها هي ، بعدم التورط بقصة حب زائفة ربما ، نعم ربما ليس من المقدر لها ان تنجح ، ولكن ايضا هو كان يعرف انه ربما قدر لها ان تستمر كما الافلام ، هي قصة عشق .
هو قدم الكثير والكثير من التنازلات ، هي تعرف ذلك كل المعرفة، هو كان يلقاها دائما بمكان عملها ، حسب رغبتها ، هي كانت تلك الفتاة الشرقية ، متحررة الفكر، ولكن جليسة العادات والتقاليد العربية ، ولا سيما فيما يخص الجنس الاخر ، كانت ترفض بشكل مطلق لقائه بمكان غير مكان عملها ، وذلك حتى تتجنب المشاكل التي يسببها عقم هذا المجتمع ، هو احترم تلك الرغبة ولباها دونما مناقشة.
هي انجرفت وراء مشاعره اخيرا ، بعد العديد والعديد من الحروب والمغامرات ، هي افصحت بمشاعرها اخيرا ، هي اتربت قلبه بعد سنتين اثنتين من الاستجداء ، ولكن كما كانت عادتها تعطي وتاخذ ، اتربت قلبه بتلك المشاعر وازوته بظلمة المنطق وما سيكون دونما اية فرصة للفرح ولو لبعض اللحظات ، حتى بعدما استعاد بضعا من امل ضائع ، هي سلبته كل الامل ، وابقته في حالة الصراع والاشتياق ذاتها .
لم يرضى مطلقا هو بتلك النتيجة ، رسم مخططا جديدا وبالكامل لحياته ، ترك بلاده ورحل الى بلاد اجنبيه ، لعله يتحدى القدر، او الوقت ، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، هي كلمته مرارا وتكرار انذاك ، يوميا تقريبا ، تكلمه لكي تطمئن على احواله من ناحية ، ومن ناحية اخرى لكي تتاكد من ان  النوايا ما زالت في مسارها المحدد ، هو عاد مكرها الى فلسطين ، وضاعت من يديه الفرصة الذهبية لضمها الى صدره .
استمرت الايام بالنهوض معه من فراشه يوما تلو اليوم ، تذبل اجفان عيونه ليلا على صورتها هي ، ويصحو على ابتسامتها ، ضحكتها كما الشفق ، نظرة عينها الحزينة الهيئة ما تزال الى الان تفقده صوابه دوما ، هو يحتفظ بصورة لها سرا دون علمها ، هو دائما ما ينظر الى تلك الصورة ، يتحسسها دائما بيده ، ويطفو في بحر الامنيات .
وتمضي الايام ، وحبها في قلبه ما زال مستوطنا هناك ، على الرغم من نسيانها هي لكل تلك المشاعر، ولكن الامل والامنيات هي التي كانت تحييه ساعاته التي باتت خاوية الوصال ، هما استمرا بالتحدث والتواصل دائما ، ولكن بصورة اقل من ذي قبل ، يراها احيانها في مكان عملها كما هو المالوف لهما ، في بعض الاحيان يسيران من مكان عملها الى السيارات التي تستقلها هي الى بيتها ، هي طريق قصيرة بعض الشيئ ، بعض الدقائق المعدودة .
كل ما حلم به يوما ، لمسة من يديها ، ان يستيقظ كل صباح مواجها وجهها وعينيها ، ان يرقص معها رقصة تسكره الى الى دنيا اخرى ، دنياها هي ، وعالمها هي ، صوتها العذب يضفي تلك الحلاوة على قهوته الصباحية الخالية من السكر ، لهجتها المطعمة بالاسبانية لها رونقها ووقعها الخاص ، حتى هو بات يجيد تلك اللهجة ويستعملها بكثرة ، كل ما حلم به يوما ان يسير معها تحت قطرات المطر، يضمان بعضهما على استحياء ، يسيران في طريق تضيئه شموع الغزل ، كل ما حلم به يوما هو هي ، نعم وفقط هي ،  ولكن ليس لكل الاحلام ان تتحقق .
قلت الاتصالات لفترة قصيرة بينهما ، هو ذهب الى بلاد اجنبية ومرة اخرى ولكن هذه المرة تفصله عنها ساعة واحدة فقط ، ولكن كان هناك العديد من الصعوبات في الاتصال و التواصل ، حتى باتت رسالة نصية واحدة كل اسبوعين تقريبين ، رسالة لا تسمن ولا تغني من بعد واشتياق ، لا تخبر بالاخبار والجديد ، لا تتعدى كونها السؤال عن الحال ، حتى اصبح الفيس بوك الطريقة الوحيدة لمتابعة الاخبار والمستجدات ، وليته ما كان .
ذلك الصباح ابتدأ معه بمكالمة مزعجة جدا ، استيقظ على رنين هاتفه بها ، تبعها بعد الاخبار السيئة من عند اهله ، وبعض الازعاجات بالعمل ،  قرر عدم العمل في ذلك اليوم ، وضع على نفسه بعض الملابس ، وذهب الى مقهى بعيد عن مكان اقامته نسبيا ، ذهب اليه مشيا على الرغم من انها كانت تمطر هناك ، وذلك حتى يتسنى له مقامرة الارجيلة لعلها تنسيه بعض التعب والارهاق النفسي الذي حصل له في ذلك الصباح ، وايضا حتى يستخدم خدمة الانترنت المجانية الموجودة هناك ، استهل جلسته ببعث رسالة نصية لها يخبرها عن احواله المضنية ويطمئن على احوالها ، ثم دخل الى الفيس بوك لمتابعة اخبارها كعادته ، حيث انه تحول الفيس بوك بالنسبة له في الفترة الاخيرة فقط وسيلة لمتابعة اخبارها ، وهناك كانت الصدمة المفاجئة ....
هناك على الفيس بوك ، وعلى صفحتها ، بدأ بالتصفح بشكل سريع مبدئي ، حتى لفتت نظره تلك الصورة والعبارة ، جثم دون حراك او همسة ، ثوان معدودة حتى قام بقراءتها مرارا وتكرارا ، نعم هي تمت خطبتها لشاب من مدينتها ، شاب مناسب لها على جميع المستويات ، لم يستطع تحديد ردة فعله ما هي ، ولكن بعض الدموع الغاصبة عبرت عن كل شيئ ، اقفل جهازه المحمول واستغرب بالتفكير لوهلة من الوقت ، لم يستطع تحديد كيف له ان يرد على تلك الصدمة .
الحب هو اسمى الصفات الانسانية اطلاقا ، هو ان تعرف انها دائما انها هناك مهما حصل ، هو ان تحملها بين ذراعيك مع خوف كل خلايا جسدك من افلاتها ،هو ان تستيقظ كل صباح وانت تعلم انها هناك بجانبك ، هو ان تبحث عنها دائما ، وتكون بقربها مهما كان او حصل، هو ان تحب الخير والحب لها ، الحب هو ان تكون هي سعيدة حتى لو انها لم تكن معك انت ، او معه هو، الحب هو ان تتمنى لها الخير في اية عوالم هي كانت ، وهكذا كانت ردة فعله ، هو تمنى لها اطيب الامنيات بالتوفيق والسعادة والحب والنجاح ، هو قال لها تلك الكلمات بكل النوايا الصادقة ، بكل الامتنان لها على كل الاوقات الجميلة التي عاشها معها يوما ،على كل ضحكة اسرت بها قلبه يوما ، على كل دقيقة من العطف والحنان والخوف ، على كل جلسة استماع لهمومه ومشاكله ، على الكثير والكثير من الامور الدافئة التي لن ينساها ما حيا ابدا .
هي كانت قصة عشق دون كلمة احبك ، هو لا يذكر ابدا قوله احبك لها ، او قولها هي احبك له ، هي كانت اغرب قصة حب اطلاقا سمع هو بها ، او عايشها حتى ، مع انها كانت القصة الاولى ولا بد من انها لن تكرر ابدا ، هي كانت قصة حب تتالم وتفرح لها الافئدة ، فقد كانت هناك الكثير والكثير من الضحكات الدافئة ، والكثير ايضا من الاشواك الواخزة ، هي كانت قصة عشق لم يقدر لها ابدا ان تنجح او تستمر ، ولكن هو حاول تحدي القدر والالاه ذاته ، وقد خسر تحد للمرة الاولى في حياته .
هناك انتهت قصته هو ، وضعت قلمي وانا انظر بالمراة ومن جديد ، اعيش تلك الحالة من الانفصام الفكري بيني انا وبينه هو ، وحبنا نحن الاثننين لها هي ، نعم هي وهي فقط ، وها هنا تنتهي جميع الاساطير والقصص الاغريقية التي عرفتها يوما ، حتى العنقاء صديقتي حلقت بعيدا عني ، وقلمي جف حبره من بعد طول امتنان ........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق